السبت، 1 يناير 2011

وهم القاعدة في أبين ! أسامة الشرمي


لو لم أكن من أبناء محافظة أبين لاعتقدت وبما لايدع مجالاً للشك بأنها قد سقطت في يد تنظيم القاعدة، كأمر بديهي ناتج عن الكم الهائل من الأخبار والمقالات والتقارير الصحفية التي تتحدث عن أعمال عنف وإرهاب واغتيالات ومواجهات يكون دائماً أحد أطرافها في المحافظة تنظيم القاعدة بحسب وسائل الأعلام.

أن هذا التنظيم الذي نسمع عنه في أبين لانراه إلا في القنوات الفضائية والصحف والمجلات العربية والدولية وبعض الصحف المحلية، والواقع أننا في أبين  لا نرى في مدنها أو حتى أريافها شيئاً أو شخصاً من الممكن أن نصفه بهذا المسمى ، فالقاعدة أو (الجهادية) كفكر ومعتقد هي أكثر مراحل السلفية الوهابية تطرفاً، والسلفية الوهابية هي أكثر فرق الطائفة السنية تشدداً على الإطلاق، هذا مانعرفه عنها على الأقل، فمن المعقول لو رأينا جماعات مسلحة تتصف بالتشدد الديني أن نتشكك في أمر علاقتها بالقاعدة كفكر أو تنظيم، وهو مالم يحصل في الواقع إطلاقاً، فالعناصر المتهمة بالانتماء لتنظيم القاعدة أو حتى من يدعون ذلك لغرض الشعور بالهيبة أو لبث الذعر بين أوساط المواطنين، هم في الأصل عبارة عن مجاميع في الغالب غير ملتزمة أخلاقياً أو دينياً يمضغون القات ويتعاطون معه العقاقير المنومة بديلاً عن المخدرات، والكثير منهم في حالة وجود الأموال يحتسي الكحول بشكل شبه دائم، إذاً فهم لايحملون فكراً أصولياً أو معتقد أسلامي متشدد ولا يوجد لديهم وازع ديني بالمعنى الصحيح للكلمة.

اتسمت الأوضاع في محافظة أبين في الفترة الأخيرة بالانفلات الأمني والغياب الملحوظ للدولة، وفي ظل الأزمات التي يعانيها المواطن اليمني من فقر وبطالة وتهميش، بالإضافة إلى انتشار الكثير من الظواهر الاجتماعية السيئة والغريبة عن أبناء المحافظة كظاهرة حمل السلاح والمطالبة بالحقوق عن طريق القوة سوى بقطع الطرق أو اختطاف المركبات الخاصة والعامة، والعودة المشؤمة لظاهرة الثأر في أبين بعد أن نسيناها في الفترة التي تلت ثورة 14 من أكتوبر وحتى العام 94، وكذلك انتشار الأمية في المحافظة بعد أن كادت تكون قد تخلصت منها نهائياً، كل هذه العوامل ساعدت في وجود تكتلات قبلية أو شبابية امتهنت الفوضى وسيلة للكسب الغير مشروع، وفي ظل تعاطي السلطات الأمنية والتنفيذية والشخصيات الاجتماعية مع هذه الجماعات بشيء من الندية والاستجابة السريعة لمطالبهم، تم استنساخ هذه الجماعات في كل مديرية وقرية وناحية وطريق عام في المحافظة، ونشطت تلك الجماعات بشكل سريع حتى وصل الأمر إلى مدن رئيسية في المحافظة كمدينة جعار ومدينة لودر التي تعدان من أكبر ثلاث مدن بالمحافظة بالإضافة إلى عاصمة المحافظة زنجبار.

إن هذه الأزمات والظواهر الاجتماعية السلبية التي ذكرناها والتجاوب اللا محدود مع تلك الجماعات المحلية بامتياز، لم تستطيع الجهات الرسمية تبريره أمام الأعلام والرأي العام والمحلي والعالمي إلا أنه تفاوضاً إجباريا مع جماعات إرهابية أو مع عناصر تنظيم القاعدة، يأتي هذا في ظل الإرهاب الذي يعانيه العالم من كل ما يسمى (تنظيم قاعدة) بالذات بعد أحداث 11سبتمبر في الولايات المتحدة، وسعي اليمن الدؤوب إلى استقطاب أموال طائلة كدعم دولي لليمن في محاربة ما يسمى بالإرهاب، واستمرت القصة على هذا النحو حتى باتت تلك الجماعات تفرخ في المحافظة من قبل بعض المسئولين بغية الوصول للوجاهة السياسية عند مثول تلك الجماعات لشروط الدولة التي جاء يحملها ذلك المسئول أو نجاحه في الإفراج عن ممتلكات أو أشخاص تحتجزهم تلك الجماعات.

في أسوء الفترات التي عاشتها مدينة جعار في ظل الفوضى والانفلات الأمني، التقيت بإحدى التربويات القديرات من نفس المنطقة وتحدث معها عن مأساتهم مع الفوضى، فأجابتني: يا ولدي لا توجد جدية لحل هذه الأزمة لدى المسؤلين، أما عن تلك العناصر فهم بحسب قولها مجرد أولاد "مفعوصين" لو تركونا نحن النساء نحاربهم لأمسكناهم وكسرنا ظهورهم؛ أن حديث تلك الأستاذة المخضرمة يثبت وبما لا يدع مجالاً للشك عن مدى ركاكة تلك الجماعات مقارنة بتنظيم القاعدة العابر للقارات، وما ساعد تلك الجماعات في البقاء هو عدم وجود نية خالصة لدى الجهات الأمنية في فرض هيبة القانون في تلك المناطق، وعدم وجود آلية واضحة لحل الأسباب الحقيقية المسببة لهذه الظاهرة، التي عصفت بالحياة المدنية في المحافظة، وزعزعت الأمن والسكينة العامة، ضف إلى ذلك التواطؤ الرسمي والتسريبات الكاذبة لمسؤلين أمنين وتنفيذيين بالمحافظة لوسائل الأعلام عن استهدافهم شخصياً من قبل تنظيم القاعدة  في محافظة أبين، هذا الاستهداف الذي يكون في الغالب، إما من جماعات قبلية بسبب الثأر أو بسبب تصفية حسابات بين المتنفيذين في المحافظة وأحيان كثيرة تكون تلك الأخبار لا أساس لها في الواقع.

ومن الأسباب الكامنة وراء تعاطي وسائل الأعلام مع مسألة انتشار القاعدة في أبين، استخدام الجهات الأمنية لهذه الكلمة لتبرر لنفسها قمع الفعاليات السلمية المتصاعدة لأنصار الحراك الجنوبي في أكثر من مديرية في المحافظة، ولجوء البعض من عناصر الحراك وفي بعض المناطق بالذات إلى حمل السلاح في تلك الفعاليات، وقيام البعض الآخر منهم باستخدام السلاح ضد الأجهزة الأمنية عند محاولاتها قمع تلك التظاهرات.

كل ماطرحناه أعلاه يؤكد لنا وبما لا يدع مجالاً للشك وهمية وجود القاعدة في أبين، وإن وجد هذا التنظيم فهو ليس بهذا الحجم الذي نسمع عنه في وسائل الأعلام وفي الطرح اللامسؤل لبعض المسؤلين في الدولة، ومن يشكك في هذه الحقيقة، نقول من هم عناصر القاعدة في أبين؟. أين معسكراتهم؟. وماهي العمليات الإستراتيجية أو التكتيكية التي قامو بها في المحافظة؟. ومن هي قياداتهم فيها؟. ولماذا لم تقم الأجهزة الأمنية حتى الآن بحملة تطهير واسعة لهم؟. كل هذه التساؤلات إن وجدت الإجابة عليها، وجد الحل لآلية اجتثاث القاعدة الوهمية في محافظة أبين.

منقول عن موقع عدن الغد


Digg Google Bookmarks reddit Mixx StumbleUpon Technorati Yahoo! Buzz DesignFloat Delicious BlinkList Furl

0 التعليقات: on "وهم القاعدة في أبين ! أسامة الشرمي"

إرسال تعليق