من المتابعة المتأنية أو حتى العادية لواقع الحياة السياسية على الساحة اليمنية تُظهر لنا تفاصيلها كم هو واضح جداً عدم وجود مسؤولية أو حتى الحس الوطني لكل فرقاء الحياة السياسية في هذا الوطن المكلوم، حيث تصل هذه المفارقات الاستعراضية في اليمن حد الاختلاف في البديهيات، والحقائق الكونية.
ومن أبرز اللاعبين على الملعب السياسي اليمني هم ( الحزب الحاكم، أحزاب اللقاء المشترك، حركة التمرد الحوثية، الحراك الجنوبي) بالنضر لكل هؤلاء لا نجد أحدهم يتفق مع الآخر في شيء حتى في المسائل المتفق عليها بين فريقين أو أكثر، الأمر الذي يبين لنا بأن السمة السائدة والطابع العام للجميع هو الإقصاء.. الإقصاء.. الإقصاء، فلا مكان للآخر وكأن هذا الوطن لم يعد يتسع للجميع، فتظهر لنا جلية ومن خلال المنابر الإعلامية لهذه القوى لغة التخوين والتشكيك والاتهام والتي قد تصل أحياناً حد التكفير.
لماذا لا يقبل المؤتمر شراكة سياسية حقيقية مع باقي القوى السياسة الفاعلة على المستوى الشعبي أو المناطقي أو حتى على الأقل شركائه في البرلمان ( اللقاء المشترك) ، وكيف خاض الحوثيين حروباً عمياء مع الجميع سلطة وقبائل وحتى دول الجوار، وما هو مقصد الحراك الجنوبي في محاولة استعداء اللقاء المشترك وطرده من الجنوب وطرح هذا الهدف للعمل به بجدية أكثر من جديته في طرد الوحدات العسكرية المرابطة في مدن الجنوب أو حتى قبل طرد سلطة دولة الوحدة والوحدة ذاتها كهدف رئيس لمتشددي الحراك، لماذا المشترك ينتقد الحراك الجنوبي ويتهمه بالغوغائية أو اللامسؤولية ، لماذا المشترك يتهم النظام بالأقصائية وهو يقصي باقي أحزاب المعارضة الغير منضوية تحت لواءه وينعت الحاكم بزرع الفرقة بين أبناء الشعب والحاكم يتهمه بزرع الفتن وتأجيج النعرات الطائفية والمناطقية .. لماذا .. لماذا .. لماذا تساؤلات كثيرة لا ننتظر الإجابة عليها لأنهم جميعاً سيرددون ذات الأسطوانة المشروخة التي اعتدنا سماعها منهم بإلقاء كل المسؤولية على الآخر.
ألا يدل كل ما نراه ونسمعه وبما لا يدع مجالاً للشك بأن كل هذه القوى لا يوجد لديها حس المسؤولية تجاه هذا الشعب الذي عانى الكثير من ثلة السياسيين وصراعاتهم، أليس الأجدر بهذه القوى أن تعمل لتقريب وجهات النظر فيما بينها، ألا يتشدق جميعهم بالصالح العام والوطنية والمسؤولية ويتهم الآخر بالعكس ويسوق الدعايات على هذا الأساس، ألا يعي هؤلاء الساسة أن كثرة الأعداء تضعف ، وكما يطرح المواطن العادي بأن هؤلاء جميعاً لا يحملون مشروعاً وطنياً حقيقياً، وحتى إن كان هذا الكلام صحيحاً إذاً لماذا لا نجد لديهم الحنكة السياسة التي تمكنهم من بناء تحالفات ولو آنية توصلهم إلى أهدافهم السياسية القريبة منها على الأقل والتي تجنب المواطن اليمني سيناريو الأزمات السياسية المتكررة.
إن كل ما طرحناه أعلاه يبين لنا كم هم جميعاً إقصائيين ومراهقين سياسياً، عانى المواطن اليمني الكثير جراء هذه الممارسات التي أقل ما يقال فيها بأنها تدل على أن عناصرها عبارة عن مجموعة من الساديين مكانهم الحقيقي مستشفيات الأمراض النفسية لمحاولة إعادة تأهيلهم عقلياً أو المنشئات العقابية كجزاء عادل لما اقترفوه بحق كل كبير وصغير من أبناء هذا الشعب، ونذكر هؤلاء السياسيين بأن الرابح الأكبر سياسياً هو من يستطيع بناء تحالفات حقيقية تخرج البلد من أزماته ولو حتى مع الخصوم، ولهم في التاريخ والنماذج الأوربية الحالية خير دليل على نجاعة هذه التحالفات.
– المحامي أسامة الشرمي
0 التعليقات: on "المشهد السياسي اليمني (الكل يضرب الكل)"
إرسال تعليق